الاثنين، 13 ديسمبر 2010

من وراء مصادرة مشاعرنا


من وراء مصادرة مشاعرنا
*******************
المشاعر والأحاسيس الجميلة كنز يبلسم حنايا الإنسان ليأخذه إلى جنات أبدية لا يكل منها..
فإذا كان الحب والمودة صادقين داخله فإنهم يهيما به إلى عالم آخر من التراحم الذى يعطيه
صفة الصدق بالعطاء للغير وهو يحمل فى نفسه إبتسامة ورضى عن سلوكه وأفعاله.
والعلاقات الإجتماعية بين الناس تذهب بهم إلى عدة معانى سامية ..
قد يفهمها البعض ويقدرها حق التقدير لأنها محملة بأسمى معانى جاءت فى الأيات السماوية.
فالإحساس بالتراحم والتعاطف هى مشاعر تبعث الرقى الصادق فى قلوب المحيطين حولك..
ولكن كيف وقد تملك الإنسان اليأس والحزن والكآبة
لقد إهتزت مشاعرى وأنا أكتب سطورى عندما تعمقت ما يدور فى هذا العالم الجديد
الذى لا أصفه إلا بالعلاقات اللا إنسانية.. العلاقات الكاذبة ،
حالات الكآبة والحزن الذى من وقع بين أسنانها تنهش فيه.
لقد أصبح الانسان فى حالة من التشاؤم المستمر.. ساخطاً على كل من حوله
نتيجة لتفاعل عوامل إقتصادية واجتماعية ومادية أحاطت به فأثرت فى تركيبته النفسية
والفكرية وعملت فى نهاية المطاف على تشكيل شخصيته ... وصنع سلوكه وعلاقته مع نفسه
ومع المجتمع المحيط به
وإذ حاولنا إستقصاء وتحليل لهذه الظاهرة المأساوية فى حياة الإنسان
نجد أن لها عوامل كثيرة وعديدة أثرت فى نفسية الفرد تأثير سلبى على معاملاته ,
فجعلت الحب يختفى من حياته ... بل أصبح مفقودا ولا وقت لديه ليبحث عنه أو يعبر عنه ,
أصبحت المشاعر مخنوقة لا سبيل لإظهارها ..
حتى العلاقات الإنسانية بين الناس ...إختفت صلة الأرحام تكاد تنقطع وتنعدم.. !!
ونتساءل أين ذهبت الحياة الجميلة التى كانوا يعيش فيها أجدادنا وأباؤنا؟؟؟؟
كان الحب هو العامل الأساسى لمعاملاتهم .. كان التراحم بينهم لا ينقطع..
كانت مشاعرهم مغلفة بالمودة والحب,
الجار يسأل عن جاره يبادله الأفراح والأحزان.. يقفون مع بعضهم في الشدائد والأزمات..
إن صادف أحدهم مشكلة اجتمع الجميع لحلها
كانت الإبتسامة لا تفارق وجوههم .. كانت الحياة سهلة وميسرة
الشاب منهم يخاف على بنات الحى الذى يقطن فيه.. الجميع أسرة واحدة.
فكانت لهذه الحياة الصريحة الواضحة الخالية من التعقيدات أثارها فى وضوح المعانى
الجميلة بينهم وصدق العواطف. أما الآن فعصرنا هذا الذى نعيشه وصفوه بعصر الإحباط والاكتئاب
فهو نقيض تماماً للمجتمعات السابقة..
أصبح الإنسان متشائماً ساخطاً على كل ما يدور حوله فمع ظروف الحياة الصعبة
أصبح لا ينظر إليها إلا من خلال منظار مادى متحجر ,,,, لذا راح يسرع بالفرار والإنسحاب
من نظام الحياة الساخط عليها فلا يعمل ـ لا يتعلم ـ لا يتزوج ـ لا يفكر فى المستقبل ـ
لا يميز بين ما هو خير أو شر ـ لا يعترف بقوانين ونظام ـ
لا يلتزم بالاخلاق الحميدة مؤمناً بأن هذا هو رد الفعل الطبيعى والصحيح لما هو ساخط عليه
من حياة قاسية.
أين الانسان الذى كانت أهم سماته التى يمتاز بها الجمع بين النقيضين (الحزن ، والفكاهة)
كانت الإبتسامة لا تفارقه رغم المشاكل التى كان يعانى منها ,
كان يطلق النكات فى أحلك الأوقات وأشد الأزمات أما الأن فننظر إليه..!!
أصبحت الكآبة هى السمة الرئيسية له أصبحت المعاناة خطوط مرسومة على الوجوه..
أصبحت ملامحه صارمة يصرخ منها حزن عميق يملأ صدره..
ترى ما الذى يجرى فى المجتمعات ؟وما الذى يحيط بها من ألغاز حيرت الباحثين.؟.
فقد أشارت جميع الأسباب وأشارت بأصابع الإتهام إلى الحياة الإقتصادية الصعبة
التى تعيشها البلد وتقف الحكومة أمامها عاجزة عن وجود حلول لها..
فضلا عن الممارسات الخاطئة التى تقوم بها الحكومة ضد المواطنين.!!
هنا نقطة الوصول البالغة إلي عتبات المشاعر الإنسانية وإختفائها..
فالفساد الإجتماعى المتمثل فى إنحلال الأنظمة وفشل الفلسفات الإجتماعية
وعجز القوانين عن حل الأزمات المادية للإنسان المتمثلة فى.....
الأزمة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والنفسية والتربوية,
هى التى ساعدت على هذه الوضعية المنهارة وعملت بإنهيارها وفسادها
على تكريس مأساة الإنسان ودفعه إلى السخط والمعاناة..
جعلته عاجزا أمام قدراته وظروفه المحيطة به عن توفيرها له.
وإنى لأسارع عند هذه النقطة من سياق الحديث فأوجزه بجملة واحدة
ما سوف أعرضه بعد ذلك مشروحاً مفصلاً: ـ
إن ممارسات الحكومة الخاطئة جعلت المواطن فى حالة غليان دائم بسبب ضيق اليد
شاعر دائما بالقصور أمام متطلبات أسرته , أصبح الطريق أمامه صعب يحتاج إلى جهد كبير..
فهذا الإحساس أضعف من عزيمته ومن روح إبداعه.. وأثر على إستمتاعه بالحياة,
فقد إنعدمت الموازين والمقاييس التى يبنى الإنسان حياته على أساسها
بعد أن عاش في مجتمع مرتبك مشوش بين الخير والشر
وبين ما يجب أن يفعله أو يتحاشاه
فخسر قدرته على تقويم المواقف والأعمال التى تصدر عنه أو تقع عليه أو يتعامل معها.
وعندما انتهى إلى هذه الرؤية الصبيانية المعتمة لم يجد سعادته فبدأ فى الإحتجاج
وبناء على ذلك تفشت فى المجتمعات ظواهر سلبية لا حصر لها
نتيجة لضغوط الحياة المادية ففي مجال العمل:
أدت ظروف العاملين فى الحكومة إلى تفشى ظاهرة الفساد والرشوة وذلك لقلة الرواتب
التى يتقاضونها فهى لا تكفى لأقل القليل من احتياجاتهم
فلو نظرنا إلى حجم متطلبات الحياة لأسرة متوسطة
نجدها غير مناسبة وفوق طاقة رب الأسرة. فغلاء المعيشة مع غلاء الأسعار
لا يتناسب مطلقاً مع الراتب البسيط الذى يحصل عليه لاحتياجاته الضرورية,
ونحن أمام معادلة صعبة .. كيف تطلب الحكومة عن العامل أن يلتزم بعمله فقط
وألا يعمل عملاً أخر بجانب وظيفته ليواجه غلاء المعيشة؟
فبما إنها حرمته من فرصة أخرى للعمل فهى ملزمة بأن توفر له سبل العيش الشريف
حتى يكفى حاجته.. ويشعر بكرامته
لقد أصبح رب الاسرة مهموما دائماً بمتطلبات أسرته..
لا يفكر إلا كيف يلبى إحتياجاتهم ومن أين ؟
بالتالى إنعكس إحساسه الداخلى على معاملاته بالأخرين
أصبحت الكآبة هى السمة الطبيعية لأى رب أسرة ..مأتت الضحكة على شفتيه,
أصبحت خطوط المعاناة مرسومة على وجهه.. أصبح يلهث ليلاً ونهاراً ليكفى حاجته
وحاجة أسرته.. لا وقت لديه للجلوس مع أبنائه
انعدمت علاقاته بجيرانه فلا يوجد وقت للسؤال عنهم فهو دائماً مشغول بعمله..
وأحياناً لا يرى أبنائه إلا فى وقت الأجازات الإسبوعية.. تخلله الهم والملل,
أصبحت الضحكة غريبة على وجهه
المعروف أن مسار الحب الطبيعى (التعاطف ـ التراحم ـ المودة)
لكنه الأن وفى هذا العصر أخذ مسار أخر (حب المادة ـ المصلحة ـ حب الذات)
حتى العلاقات الإجتماعية بينك وبين أهلك أغلبها قائمة على المصالح..
سارت قطيعة صلة الرحم بين الأهل أمر عادى (الأخ لا يسأل على أخيه..
إبن الخال لا يعرف إبن العم .. أصبحت العلاقات الإنسانية منعدمة.. والمشاعر محبطة .
ماتت الأحاسيس الجميلة بين الناس..
(بسبب الحياة الاقتصادية الصعبة التى أرهقت الجميع..)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق